آخر الأخبار والنّشاطات
 
 
دراسة ثقافة الشّبكة PDF הדפסה דוא

 

تشغل التكنولوجيا الرقميّة ومجتمع الشّبكة بال الأكاديميين والباحثين منذ ثلاثة عقود. وعادة ما تختلف المناهج المتّبعة لدراسة هذا الموضوع فيما بينها، فبعض الباحثين يعالج الموضوع من وجهة نظر عالم الاتّصالات، وبعض يعالج مجمل الظواهر بأدوات سوسيولوجيّة وما شابه. مع ذلك، يزداد عدد الباحثين المقتنعين بأنّ معاينة مجتمع الشّبكة تحتّم استخدام منهجيّة متعدّدة المواضيع يمكن أن تتحقّق في الإطار الرّحب والمتنوّع الذي توفّره كليّات العلوم الإنسانيّة ومراكز البحث التّابعة لها. فهذه المؤسّسات تتيح معاينة الثّورة الرقميّة، بشكل عام، ومجتمع الشّبكة، على وجه الخصوص، من زاوية واسعة ونقديّة، وعلى كافة أبعادها وتجلّياتها الحضاريّة والاجتماعيّة والفكريّة.

وبهذه الرّوح، فقد توحّدت جهود "معهد كوهين لتاريخ العلوم والأفكار وفلسفتها" مع "البرنامج المتعدّد المجالات في العلوم الإنسانيّة" من أجل بلورة مسار تعليمي وبحثي مركّز للطلّاب الذين يرغبون بتوسيع آفاقهم في كلّ ما يتّصل بالثّقافة الرقميّة ومجتمع الشّبكة. والحقيقة أنّ التّعاون بين "معهد كوهين" وبين "البرنامج المتعدّد المجالات" هو أكثر من طبيعي، فمعهد كوهين يقترح عادة برنامجًا متعدّد المجالات للقب الثّاني في التّاريخ، علم اجتماع العلوم والتّكنولوجيا وفلسفتها في السّياقات الاجتماعيّة، السياسيّة والفكريّة؛ فيما "البرنامج المتعدّد المجالات" يقترح برنامجًا تعليميًّا غنيًّا ومركّزًا للقب الأوّل موضوعه هو الثّقافة الرّقمية والواقع الافتراضي.

يحرّك هذه المبادرة الإيمان بأنّ العلوم الإنسانيّة توفّر إطارًا يتيح صياغة برنامج بحثي شخصي لطلّاب اللقب الثّاني والذي يقوم أساسًا على مجالات معرفيّة كالتاّريخ، الأدب، اللسانيات، دراسة الحضارة، وكذلك على الأدوات الفلسفيّة والمفهوميّة، وعلى النظريّات النقديّة. كلّ هذه المجالات تشكّل عدّة معرفيّة قيّمة لكلّ من يودّ الاشتغال بأسئلة ميتا- نظريّة، أو بمنهجيّات بحثيّة متّصلة بمفهوم الشّبكة، أو بالعالم الافتراضي، أو بمجتمع الشّبكة بوصفه ظاهرة تاريخيّة، أو بالعلاقة بين كلّ ما سبق مع تاريخ العلم والتّكنولوجيا.

أمّا بخصوص المساقات المقترحة ومجموعات البحث فستتناول عددًا من المواضيع، من بينها: الإنترنت كظاهرة تكنولوجيّة- اجتماعيّة، الفرد المنتمي إلى الشّبكة والمفاهيم الحضاريّة الجديدة والسّائدة (مثل ألعاب الحاسوب وأساليب المحاكاة الأخرى) التي تميّز النّظام داخل مجتمع الشّبكة، ومن ضمن ذلك، الثّورة الحاصلة في العلاقات بين المستهلكين والمنتجين، ناهيك عن التّاريخ الحضاري للسايبر، الرّموز المستخدمة في الاتّصالات المتزامنة، وفي هذا السياق أيضًا، اللغة التي تتولّد في هذه الفضاءات وما يترتّب عنها من نتائج سياسيّة. ثم هناك مسألة التكنولوجية الرقميّة وعلاقتها بتاريخ التكنولوجيا بشكل عام، والعلاقات القائمة بين التّفكير البيولوجي- التّطوّري وبين الإنسان الافتراضي، وفي النّهاية، مسألة التّكنولوجية المثلى على فتراتها المختلفة.